“وَلكِنْ لَيْسَ كَالْخَطِيَّةِ هكَذَا أَيْضًا الْهِبَةُ لأَنَّهُ إِنْ كَانَ بِخَطِيَّةِ وَاحِدٍ مَاتَ الْكَثِيرُونَ، فَبِالأَوْلَى كَثِيرًا نِعْمَةُ اللهِ، وَالْعَطِيَّةُ بِالنِّعْمَةِ الَّتِي بِالإنسان الْوَاحِدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، قَدِ ازْدَادَتْ لِلْكَثِيرِينَ!”(رو 5: 15).

هذا النص يتيح مجالات عديدة للخلاف. خلافٌ يمكن أن ينتعش مع الصعوبات التي في النص. على سبيل المثال يمكن أن تجُرى مناقشة طويلة عن أن الطريقة التى سقط بها آدم قد صُنعت بالعدل لتؤثر على وضع ذريته. وعندما تستقر هذه المسألة يمكن أن ينشأ سؤال آخرعن الطريقة الحقيقية التى أرتبطت بها خطية آدم بنا، سواء بإسناد خطيته لنا، أو بأى طريقة أخرى مما يؤدى الى المزيد من النزاع عن حدود الشر الناتج عن تعدّى أبوينا الأولين وعن المعنى الكامل للسقوط والخطية الأصلية والطبيعة الفاسدة وهكذا. يمكن أيضا أن تكون هناك فرصة رائعة لمعركة كبرى فى السؤال عن مدى العمل الخلاصى للرب يسوع المسيح وهل هو كافى للكفارة وللناس من جهة المجال الكامل لفساد الخطية وهل فى الحقيقة تم هذا التكفير الكامل لكل البشرية أم للمختارين فقط؟

بهذه الطريقة يكون من السهل إعداد عصا الرعاية ولكن مع ترك القطيع خارج المرعى! أو بعبارة أخرى نأخذ أوقاتاً طويلة لنتراشق بالحجارة ونترك الثمار دون أن نتذوقها.

فى الوقت الحالى ليس لدي ميل أو قوة ذهنية للتفكير أو لإزالة هذه الصعوبات التى فى المعتاد هى مصدر تسلية لبعض العقول الغير واقعية و لكنى أشعر بميل أكثر للتنوية بموقف أحد آباء الكنيسة الأولى ورفضه الصريح للجدل بمنتهى الحكمة والوضوح. كان هذا الأب يتكلم بأمور الرب ولكنه، بعد فترة، وجد جو من الإرتباك يحدث مع صوت شخص مجادل صاخب يناديه مراراً وتكراراً: “إستمع لى! إستمع لى!”… فأجابه هذا الأب: “كلا! لن أستمع اليك .. أنه أنت من يتوجب عليه أن يستمع لي، ولكننا سنصمت كلانا لنسمع ما يقوله الرب يسوع لنا”.

ولهذا فى الوقت الحالى لن نستمع لهذا الجانب أو لذاك ولكننا سنفتح آذاننا على أتساعها لنسمع ما يقوله الوحى المقدس نفسه لنا بعيداً عن كل ضوضاء الطائفية والتحزب.

هدفى أن نكتشف فى النص ما هو واقعى لنا وما هو ممكن أن ينقذ الغير متجددين الى الأيمان وأيضا يُريح ويبنى أولئك الذين أتوا الى نعمة المصالحة مع الرب. حيث أنى فى الآونه الأخيرة كنت عادة مكمم الفم فى غرفة مرضي، حتى أنني يجب الآن عندما أتقدم للخدمة، فأنى يجب أن أكون أكثر حماسةً وأستعداداً للإثمار لمجد الرب ولذلك لا يجب علينا الغوص الى الأعماق على أمل العثور على اللآلىء، لأن ذلك لن يمكنه إشباع البشرية الجائعة ولكننا سنبحر على شاطىء البحر آملين فى رياح مواتية تحملنا الى الملاذ الذي نرغبه، حيث نجد شحنة من الطعام لإشباع الجموع الجائعة. نسأل الروح القدس أن يبارك تعليم هذه الساعة لنمو الإيمان المُؤدي للخلاص.

أ‌.        الإستنتاج الأول لهذا النص هو كالتالى: أن الطريقة المعينة لخلاصنا هى عن طريق العطية المجانية من الرب.

لقد فسدنا بالسقوط ولكننا نخلص عن طريق عطية مجانية. يقول لنا النص أن: “نِعْمَةُ اللهِ، وَالْعَطِيَّةُ بِالنِّعْمَةِ الَّتِي بِالإنسان الْوَاحِدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، قَدِ ازْدَادَتْ لِلْكَثِيرِينَ! | رو1: 15″ وأنه: “حَيْثُ كَثُرَتِ الْخَطِيَّةُ ازْدَادَتِ النِّعْمَةُ جِدًّا | رو1: 20″. و”هكَذَا تَمْلِكُ النِّعْمَةُ بِالْبِرِّ، لِلْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ، بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ رَبِّنَا | رو1: 21″.

رغم أن هذا الحق معروف تماما ويٌعلم فى إجتماعاتنا كل يوم سبت، إلا أن هذا الحق العظيم الحيوى غالبا ما ينسى أو يتم تجاهله، لدرجة أنه يحتاج إعادة التأكيد عليه مرارا وتكرارا. كم أتمنى لو أنه فى كل مرة تدق الساعة فيها تقول: “بالنعمة أنتم مخلصون” . كم أتمنى لو أنه يوجد بوق يقرع صوته عاليا فى منتصف النهار على البحر و اليابسة سواء معلنا هذه الكلمات : “بالنعمة أنتم مخلصون”.

كما تحدث مارتن لوثر يوما عن حقيقة مشابهة أقول أنا اليوم مقولته هذه: “لقد نسيتم هذه الحقيقة بإستمرار حتى لأجدنى مدفوعا برغبة قوية أن آخذ الكتاب وأضربكم على رءوسكم به لعلكم تشعروا بها و تبقونها فى الذاكرة”.

الناس بالطبيعة لا يحبون حقيقة النعمة ولذلك يبقونها بعيدة عن أذهانهم قدر المستطاع. الغالبية العظمى من الناس لا يؤمنون أن الخلاص بالنعمة، مجموعة أخرى منهم يدعون أنهم يؤمنون ولكنهم لا يدركون أو يفهمون معناها بالحقيقة، حتى أولئك الذين فهموا معناها لم يعتنقوها لأجل حياتهم. طوبى لأولئك الذين ينتمون للبقية المختارة بواسطة النعمة، لأنهم يعرفون حقا هذا الصوت المفرح ويسيرون فى نور مجد نعمة الرب الذى هو يسوع المسيح.

لاحظ أن الخلاص هو عطية مجانية، بمعنى آخر أنه تم الإنعام به على الإنسان من قبل الرب دون إعتبار ما لأى جدارة مفترضة كانت أو حقيقية من جانب الإنسان.

النعمة تتعامل فقط مع الخطية. الرحمة، فى طبيعة سير الأشياء، ليست هى العطية الملائمة لمن هو على حق ومستحق، ولكنها بالحقيقة لذلك الذى هو خاطىء وغير مستحق. عندما منح الرب للإنسان خلاصه الكريم، كانت نظرته للإنسان بأنه هالك ومدان وكان يعامله كشخص ليس له الحق فى المطالبة بأى شىء… بالنسبة له، لا شىء إلا صنيعه المجانى يقدر أن يحضر الخلاص. لقد خَلَّص الإنسان ليس لأنه رأى أنه فعل أى شىء صالح، أو لديه صفات محمودة فى الشخصية، أو لأنه شكل قرارا يطمح به لشىء أفضل، بل ببساطة لأنه اله رحيم، يٌسر بأن يهب نعمته ويعلن صنيعه المجانى ومحبته الغير محدودة. أنه من طبيعة الرب أن يشفق على الشقى ويسامح المذنب “لأَنَّ الرَّبَّ صَالِحٌ، إِلَى الأَبَدِ رَحْمَتُهُ | مز100: 5″.

الرب لديه سبب لخلاص الإنسان ولكن لا يعتمد هذا السبب على جدارة الإنسان بأى درجة كانت. يتضح هذا جليا من حقيقة أنه غالبا ما يبدأ عمل نعمته على أدنى الذين يمكن أن ينسب اليهم صلاح. قد قيل عن يسوعنا “هذَا يَقْبَلُ خُطَاةً وَيَأْكُلُ مَعَهُمْ | لو15: 2″ وكانت هذه المقولة صحيحة بشكل قاطع.

نعمته الفائقة إختارت راحاب الزانية ومنسى المضطهد و شاول الطرسوسى، المتعصب الأعمى ضد المسيح : مثال هؤلاء إستولت عليهم النعمة وحوصروا بمحبة لا نهائية، وفيهم أعلن الرب قوة وتمام رحمته. الخلاص هو عمل إبتدأ بصنيع الرب النقى المجانى الذى لا يمكن شراؤه ابدا. نعمة خالصة ترسي الأساس وأيضا تضع حجر الزاوية.

أيضا جاء الخلاص للإنسان بغض النظر عن أى جدارة يتوقع الله وجودها فى الإنسان، حيث أن القدرة على إدراك وجود النعمة لا يمكن أن تكون سبب النعمة نفسها. الله نفسه لا يتوقع وجود أى شىء صالح فى الإنسان إلا ما يعرف أنه سوف يضعه بنفسه فى قلب الإنسان . ما هو السبب إذن؟ لماذا يقرر هو أنه يضعه هناك؟ السبب بقدر ما أبلغنا هو أنه [يرحم من يرحم][1] . الرب يقرر أن يٌظهر محبته ويعلن سمو نعمته فوق العمل (الإنساني) النشط، ولذلك هو يخلص الإنسان حسب مسرة مشيئته الصالحة. لو كان هناك خلاص للإنسان حسب ما يكون عليه هذا الإنسان فأنه من الواضح أنها ستكون مسألة أعمال و تسديد مديونية (حق إكتسبه الإنسان من الله بناء على عمله)، وليست على سبيل النعمة. ولكن النص شدد على أنه ليس من أعمال ولكنه بالنعمة الخالصة ولذا يقول عنها الرسول بولس : “فَإِنْ كَانَ بِالنِّعْمَةِ فَلَيْسَ بَعْدُ بِالأَعْمَالِ، وَإِلاَّ فَلَيْسَتِ النِّعْمَةُ بَعْدُ نِعْمَةً. وَإِنْ كَانَ بِالأَعْمَالِ فَلَيْسَ بَعْدُ نِعْمَةً، وَإِلاَّ فَالْعَمَلُ لاَ يَكُونُ بَعْدُ عَمَلاً. | رو11: 6″. يقول النص لنا أن الخلاص هو: “هِبَةُ” مجانية وأنه أتى الينا عن طريق “نِعْمَةُ اللهِ، وَالْعَطِيَّةُ بِالنِّعْمَةِ الَّتِي بِالإنسان الْوَاحِدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ.”

سأمضى قدما فى محاولة تفسير كيف أن الخلاص هو عطية مجانية بالقول أنه قد أُعطى لنا بدون الإشارة الى أي شروط قد يعنى إستيفائها أن نكون مستحقين. قد أسمع أحدكم يهمهم معترضا: [ولكن الله لن يمنح نعمته لأولائك الذين لا يتوبون]، وهذا أنا أجيبه [الرب سيمنح الإنسان نعمته ليتوب وأنه لا يوجد أبدا إنسان يتوب إلا عندما تزوره أولا نعمة تقوده للتوبة].

قد يقول آخر: [الرب لن يعطى نعمته لأولئك الذين لا يؤمنون]، أجيبه أن الرب يعطى نعمته للإنسان والتى يتحرك بها نحو الإيمان، وأنه بواسطة هذه النعمة يأتون للإيمان بيسوع المسيح. لربما تقول أن التوبة والإيمان لهما من شروط الخلاص وأنا لن أتجادل معك ولكن من فضلك تذكر أنه لا توجد شروط لإستحقاق أى شىء من الرب… ربما تكون هناك شروطا للإستقبال ولكن ليس للشراء، الخلاص لا يٌشترى ولا يٌثمن.

لقد قيل لنا بكل دقة أن الخلاص هو “بِالنِّعْمَةِ … بِالإِيمَانِ | أف2: 8″ : الإيمان لا يرجع مرة أخرى لأعمال الناموس الذى يربطنا مرة أخرى بفكرة الجدارة الإنسانية. الإيمان بعيد تماما، بعد القطب الشمالي عن الجنوبي، عن فكرة مطالبتنا للرب بأى شىء على سبيل أنه ملتزم أن يعطيه لنا.

الذي من الإيمان الإيمان يأتى كمسكين، غير مستحق، ويثق ببساطة فى رحمة الرب المجانية. الإيمان لا يلبس التاج أبدا ولا يفهم المديح على الأطلاق. المؤمن لا يمكن أن يكون متفاخرا أبدا إذ أن التفاخر ينتفى تماما وقانون الإيمان. إذا بدأ مسيحي بالتفاخر فذلك لأن إيمانه بدأ يتداعى وبدأت طبيعته الشريرة الظهور فى المقدمة. فوق كل ما للإيمان، أهم شىء إنكار الذات؛ كما كانت تقول نون نوبيز دوماين دائما فى ترنيمتها “ليس لنا يارب ولكن لأسمك أعط مجدا”. ولذلك كلمة الرب تؤكد لنا أننا إن لم نتب فجميعنا كذلك هالكون وإننا إن لم نؤمن ييسوع المسيح فإننا سنموت فى خطايانا، ويلزمنا فى نفس الوقت أن نعرف أنه ليست جدارة هنالك فى توبتنا أو إيماننا ولكن ذلك لأن النعمة تسود عند قبول هذه النعم من الرب.

نحن لن نضع فى الإعتبار ضرورة الإيمان والتوبة والإعتراف بالخطية لأنهم يعملون ضد كمال ومجانية النعمة الإلهية حيث أن التوبة والإيمان وأيضا الإعتراف الصحيح بالخطية فى المقام الأول لهم جميعا هدايا من النعمة وعلى الجانب الآخر ليس لهم فى ذواتهم جدارة، وإلا نصبح كمن يقول: على الرجال الشرفاء الذين لم يخطئوا أن يتقدموا ويعترفوا عندما يعرفون أنهم أخطأوا ونحن نعدهم بالمسامحة!

أن أكون آسفا على خطيتى ليس هو العقوبة المناسبة لكونى أخطأت! وإيمانى بأن الرب صادقا ليس عملاً أطلب عليه مكافأة أو مجازاة فأكون إذن قد خلصت بالإيمان… إنه برحمة الرب الخالصة وبها وحدها قد أتى هذا العفو إلي.

أحبائى، بعيد جدا هو الرب من إعطاء الخلاص للإنسان على سبيل المكافأة أو الدين (الذي على الله تسديده). ولذلك منحنا الرب إياه من صلاحه وكماله، منحه لأنه قد سٌر أن يمنح هذا الخلاص فوق رأس الخطية وأسنان التمرد. كما قلت سابقا الرحمة والنعمة إنما هما للخاطئ ليس للآخرين المستحقين لهم. ونعمة الرب تأتى الينا عندما نكون نحن بعيدين تماما من جراء أعمالنا الشريرة.

“وَلكِنَّ اللهَ بَيَّنَ مَحَبَّتَهُ لَنَا، لأَنَّهُ وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَاةٌ مَاتَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا | رو5: 8″

 هكذا تقتحم النعمة المجانية فصاعدا كالفيضان العظيم، وتفيض بسيول فوق هضاب تعدياتنا، تعلو فوق جبال الألب العالية المتراكمة من خطايانا الوقحة.

عشرون ذراعا تصاعديا يسود هذا البحر من النعمة حتى يغطى أعالى جبال الظلم والخطية وليس متذكرا لشر شعبه لأنه قد سٌر بالرحمة.

المتصدق يحتاج فقيرًا والنعمة تحتاج خاطئًا. لا توجد فرصة للغفران لو لم يكن هناك جريمة. لو كان الإنسان مستحقا، فكيف يكون الله رائعًا بالنسبة اليه؟ فى هذه الحالة سيكون مرضياً بالنسبة لله أن فقط عندما تستطيع الأعمال الصالحة أن تضع مُطالبة صالحة للسلام أن يحدث ويُمكن الحصول على الملكوت بأسلوب التدين، ولكن بما أنه من الواضح أن الحياة الأبدية هى هبة خالصة فلذلك لا تتعجب عندما أقول أن النعمة تأتى للناس قافزة فوق جبال ظلمهم.

الرحمة الزاخرة تُسر بأن تمحو زخر كثرة الخطية ولن تتوانى أبدا عن أى فرصة لتفعل فيها مسرتها (أن ترحم). لا توجد فرص ناقصة للنعمة فى هذا العالم الشقي الساقط، ومن بين كل الأماكن توجد مساحة كبيرة فى بقعة أنا أعرفها ليست بعيدة من ها هنا حيث توجد فرصة عظيمة لرحمة لانهائية وزخر نعمة فائق ليمارسا قوتهما.
هاهى ذى هذه البقعة – أنه قلبى الخاطئ الخائن. أعتقد يا أخى أنك تعرف بقعة أخرى مشابهه جدا لهذه، وأنت يا أختى أيضا تستطيعين قول: [يالعجب الرحمة! من المؤكد أنه توجد مساحة لهذا العلو والعمق ليظهر فى روحى الخاطئة أنا أيضا].
آه، ولسوف تظهر أيضا لو أستطعت فقط النظر اليها من خلال يسوع المسيح… هذه هى مسرة نعمة الرب، أن تتدفق للأماكن الغير مُرجًحة: الرحمة إنما هى مجد الرب والتى يحب أن يمنحها لأولئك الأقل إستحقاقاً لها.

لقد خلُصنا بالنعمة، النعمة المجانية، النعمة الخالصة، نعمة دون النظر لأى جدارة أو إحتمالية لمثل هذه الأشياء والعديد منا قد خلصوا بأعجب صور النعمة وأكثرها زخرا. بعض منا سوف يكون لهم معجزات من الحب الإلهي، معجزات رحمة لنتعجب منها طوال الأبدية: سنكون موضوعين فى السماء كالتحف، تنظر الينا الملائكة كنماذج تشرح عظمة صلاح الرب. قلت [بعض منا]، ولكننى أفترض أنه فى كل إنسان خلُص، يوجد تطور معين للنعمة سيجعل منه مميزا بطريقة خاصة، ولذا فالجسد بأكمله المكون منا ككنيسة واحدة مجيدة سيكون مُعَرِّفاً للملائكة والرؤساء والقوات، بحكمة الله المتنوعة.
آه يالها من رؤية للنعمة والرحمة ستُعلَن عندما يتجمع بأمان أولئك الذين تسابقوا وغسلوا ثيابهم بالدم حول العرش الأبدى، ويرنمون تسبيحتهم لهذا الذى أحبهم وغسلهم من خطياهم بدم نفسه.

لاحظ شيئا آخر يخص خطة الخلاص هذه، أن كل هذه النعمة تأتى الينا عبر الإنسان الواحد يسوع المسيح. أحيانا أسمع الناس يتكلمون عن “خدمة الرجل الواحد”.أنا أعلم ما يعنون بهذا، ولكنى أعلم أيضا هذا أنى قد خلِصتُ بخدمة الرجل الواحد، واحدٌ أجتاز الآلام وحدة ولم يكن معه أحد من الناس. أنا أصبحت هالكاً بإنسان واحد، وذلك عندما سقط أبانا آدم فى عدن، ولكنى خلصت بالإنسان الواحد عندما حمل الرب المبارك يسوع المسيح خطاياى فى جسده على الصليب.
يالهذه المحبة التى ليس لها مثيل، عندما أتى الرب من السماء الى الأرض وأخذ على عاتقه طبيعتنا، وأصبح فى كل شىء نظيرنا، ووجد فى الهيئة كإنسان، وأطاع الى الموت وحتى موت الصليب! أنه بالإنسان الواحد يسوع المسيح أتت كل هذه النعمة فائضة لكل المختارين. الرحمة تفيض لأنقاذ كل إنسان عبر القناة المعينة لذلك، أي بواسطة يسوع إبن الإنسان.
إبتعد عن المسيح بعيدا، وستجد نفسك تترك الطريق السريع لحب الله الأبدى. تجاوز هذا الباب وستجد أنه لا دخول للحياة. يجب أن تشرب من هذا الينبوع وإلا فستعطش للأبد، وتسأل بلاجدوى عن نقطة ماء تبرد بها لسانك الظمآن.
”فَإِنَّهُ فِيهِ يَحِلُّ كُلُّ مِلْءِ اللاَّهُوتِ جَسَدِيًّا | كو٩:٢”. إن كل الرحمة اللا نهائية ومحبة الآب -فالله نفسه محبة- تجسدت فى شخص إبن العلي المحبوب له الممجد الى الأبد. سبحوا له ايتها الملائكة! أشيدوا بتسبحته أيها المخلصون! لأنه بالإنسان الواحد يسوع المسيح كل المختارين قد إنتقلوا من الغضب للحياة، للتسبيح “لِمَدْحِ مَجْدِ نِعْمَتِهِ | أف1: 6″.
وهكذا حاولت أن أضع أمامكم طريقة الله للخلاص.

ب‌.     بدءًا من ناحية أخرى كما يبدو من معتقداتنا الحالية، ولكن بالنظر إلى أننا لا يمكن العودة اليها دون جدال قهرى. نلاحظ تباعا عن يقين أنه قد جاءت الينا أعظم الشرور بالسقوط.

فى هذا النص يتحدث بولس الرسول لنا عن “الجريمة” التى يمكن أن نسميها “السقوط”، والتى حدثت بعثرة أبينا آدم. سقوطنا فى آدم هو مشابة للخلاص الذى فى المسيح يسوع، ولكن هذا التشابه ﻻيقدر أن يبين تمام عمل المسيح: ولهذا يقول الرسول، “وَلكِنْ لَيْسَ كَالْخَطِيَّةِ هكَذَا أَيْضًا الْهِبَةُ لأَنَّهُ إِنْ كَانَ بِخَطِيَّةِ وَاحِدٍ مَاتَ الْكَثِيرُونَ، فَبِالأَوْلَى كَثِيرًا نِعْمَةُ اللهِ، وَالْعَطِيَّةُ بِالنِّعْمَةِ الَّتِي بِالإنسان الْوَاحِدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، قَدِ ازْدَادَتْ لِلْكَثِيرِينَ! | رو5: 15″.

أنه عن يقين إذن أننا كنا ﻻمحالة هالكين بسقطة أبينا اﻷول ورئيس جنسنا. أنا لن أستطرد فى تفاصيل كثيرة ولكنه من الواضح أننا قد فقدنا جنة عدن وكل مسراتها ومزاياها وأمانها، اللاتي هى تواصلنا مع الرب وخلوها من الموت. خسرنا كرامتنا اﻷولى ونضارتنا وأصبحنا محل الألم والضعف والمعاناة والموت: هذه هى نتيجة السقوط. صحراء جرداء تعوي بدﻻ من حديقة غناء كانت تبتسم لنا.

بخطية آدم أصبحنا نولد فى حالة أبعد ما تكون عن كونها مرغوبة، إنها ورثة لتراث من الندم. قد وهب لنا الله أن يخفف من أحزاننا العميقة ومرارتنا، ولكننا بالرغم من ذلك لم نعد نولد على تلك الحالة كما لو كان أبينا آدم ﻻزال فى نقاوته ونزاهته ومرتبته اﻷولى. أتينا الى العالم بميل تلقائى نحو الشر. أولئك منا الذين لهم دراية بطبيعتنا ﻻبد أن يقروا أنه أصبح فينا ميل قوى نحو الخطية والذى أصبح ممتزجا جدا بكياننا. هذا ليس مستمدا فقط من أخطاء فى التعليم أو من تقليد اﻷخرين؛ ولكنه عزم من داخلنا لطريق الخطأ، وهو موجود فينا منذ ميلادنا.

للأسف هذا ما يحدث لنا، بالأضافة إلى ميلنا الطبيعى هذا للخطية الذى حصلنا عليه، والذي قد جعلنا عُرضة للموت، ليس هذا فقط ولكننا نعلم عن يقين أنه لنا وقت معين لنحنى رءوسنا تحت ضربة الموت الجسدي. إثنان فقط من الجنس البشرى لم يعرفا الموت ولكن الباقون تركوا أجسادهم هاهنا لتهترىء عائدة للأرض اﻷم، ومالم يأتِ الرب سريعًا، نحن نتوقع أن يحدث الشىء ذاته لتلك اﻷجساد عينها خاصتنا.

فيما نحن نحيا فى هذا العالم نعلم أنه يجب أن ندفع ثمن خبزنا بعرق جبيننا؛ نعلم أنه يجب أن يولد أطفالنا بالألم والمخاض؛ نعلم أننا أنفسنا يجب أن نعود الى التراب الذى منه أُخذنا؛ ﻷنه تراب نحن وإلي التراب يجب أن نعود.

آه يا آدم لقد أشقيت لنا يوما حزينا عندما أستمعت لصوت إمرأتك وأكلت من الشجرة المحرمة. لم تعد هناك جنة فى أى مكان فى العالم ولكن كل البقاع أصبحت مكانا للنحيب وحقلًا للموت. أين يمكن أن تذهب دون أن تجد آثار تلك الخطية اﻷولى فى القبر وعظامة المفتتة. كل حقل مُخصب بالموت. ليس مراراً ما تهب رياح آلة الموت إلى شوارعنا ولكنها لما تجتاح عاليًا تدوس القيصر أو العبد، البريطانى الوقور أو الساكسونى المتحضر؛ الجميع يُؤكلون بالموت. لقد شوهت الخطية وأشابت وأفسدت هذه الخليقة بجعلها عُرضه للغرور من خلال تعديها. بالتالى جاءت الينا شرورًا رهيبة دون أن يكون لنا يداً فيها: نحن لم نكن فى جنة عدن، لم نُحرض آدم على التعدى وبالرغم من ذلك أصبحنا نعانى مما لم تقترفه أيدينا. لتقل ما تشاء فى هذا اﻷمر، يبقى الواقع كما هو ولايمكن الهروب منه. هذه الحقيقة المؤسفة تقودنى لجوهر هذا النص وتشكل ملاحظتى الثالثة:

ج‌.      من السقوط نستنتج بأوفر يقينية أن الخلاص بالنعمة بالمسيح يسوع سوف يأتى للمؤمنين.

لوكان كل هذا اﻷذى قد حدث لنا بسقوط آدم لماذا ﻻ يتدفق من نحونا فيض هائل من البركات بعمل المسيح؟ قد خسرنا الجنة بمخالفة آدم، هذا مؤكد؛ ولكن إذا كان هناك أى شىء يمكن أن يكون أكثر تأكيدا، يمكننا بأوفر إيجابية أن نعلن بأن آدم الثانى سوف يصلح ما فسد من اﻷول. “لأَنَّهُ إِنْ كَانَ بِخَطِيَّةِ وَاحِدٍ مَاتَ الْكَثِيرُونَ، فَبِالأَوْلَى كَثِيرًا نِعْمَةُ اللهِ، وَالْعَطِيَّةُ بِالنِّعْمَةِ الَّتِي بِالإنسان الْوَاحِدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، قَدِ ازْدَادَتْ لِلْكَثِيرِينَ! | رو5: 15″

إذن ليستقر هذا فى أذهانكم، أن سقطة آدم أتت لنا بدمار كبير، ولتكن لك إذن أكثر ثقة بأن حياة وموت وقيامة المسيح، وبدون أن يكون لنا يدًا أيضاً، يجب أن يصنعوا لنا خدمة عظيمة. باﻹيمان بالمسيح يسوع أصبح مؤكد لنا أنه بحسب كل المقاييس نحن مباركين فيه عالمين سابقا أننا بسقطة آدم كنا عرضة للحزن والموت.

للوهلة اﻷولى، يبدو هذا أكثر مسرة لقلب اﻵب. إنه يجب أن تكون تماما بحسب طبيعته الرؤوفة أن يأتى الخلاص الينا من خلال إبنه. أستطيع أن أتفهم بأن الرب قد أعدَ هذا بأن الجنس البشرى يمكن إعتباره (وتمثيله أمام الله) فى شخص واحد، ويمكن أن يسقطوا أويقوموا أمامه ممثلين فى رجل واحد، يتحمل ترتيبات نهايته الواجبة ويسمح لتبعات الخطية بأن تقع على أجيال ناجحة من الرجال: ولكنى أعلم أنه لا سعادة له فى موت أحد ولامسرة له فى إصابة البشرية. عندما خالف آدم اﻷول، لم يكن هناك مفرًا من أن تقع تبعات الخطية على أجياله القادمة.

وأستطيع أيضًأ ان أتخيل عقلية مقدسة كاملة تُسائل ما إذا كان ينبغى أن تأخذ عواقب ذلك مجراها أم لا. أستطيع تخيل الملائكة يقول أحدهم للأخر، [هل سيموت كل الناس بدخول الخطية الى العالم؟ هل من الممكن أن كل أبناء آدم سيعانون من عدم طاعته؟] ولكن لا يمكننى تصورأى سؤال يطرح حول الموضوع الآخر، المسمى نتيجة العمل الذى قام به الرب يسوع. لو كان الرب قد أعدها هكذا أنه فى آدم الثانى سيقوم كل الناس ويحيون، فأنه يبدو لى أعظم تمجيد يوافق طبيعته الروؤفة وحبه اللا متناهى أن كل من يؤمن بيسوع يخلُص من خلاله. لا يمكننى تصور ملائكة يترددون ويقولون، [المسيح قد ولِد؛ المسيح عاش؛ المسيح مات؛ هؤلاء الرجال لم يكن لهم شىْ يصنعونه فى هذا: هل سينقذهم الرب من أجل إبنه؟] آه، لا، لابد أنهم شعروا إذ رأوا الطفل وليد بيت لحم، إذ رأوه يحيا حياته الكاملة ويموت ميتته الكفارية، [الرب سيبارك أولئك الذين فى المسيح، الرب سينقذ أُناس المسيح لأجل خاطر المسيح.]

بالنسبة لنا أنفسنا نحن واثقون أنه لو نفذ الرب حكم الدينونة، الذى هو عمله الغريب (عن طبيعته فهو أمر لا يتلذذ الله به) فأنه حتما سيتضطلع بالرحمة (في وسط الغضب)، لأن الرحمة هى مسرته. ولكن لو كان (دون الكفارة) سيتمسك بالتصرف بحسب مبادئه التي تضمنت العواقب (السيئة من دينونة وعقاب) والتى ليست له مسرة فيها، لربما كان علينا أن نتأكد أكثر بأنه سوف يتمسك الآن (بعد موت المسيح) بالرحمة وأنها سوف لا تتضمن سوى الصلاح لهؤلاء الذين تهتم به.

من هنا يأتى هذا المنطق “لأَنَّهُ إِنْ كَانَ بِخَطِيَّةِ وَاحِدٍ مَاتَ الْكَثِيرُونَ، فَبِالأَوْلَى كَثِيرًا نِعْمَةُ اللهِ، وَالْعَطِيَّةُ بِالنِّعْمَةِ الَّتِي بِالإنسان الْوَاحِدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، قَدِ ازْدَادَتْ لِلْكَثِيرِينَ! | رو5: 15″.

هذا التأكيد يصبح أقوى حتى عندما نفكر بأنه يبدو شيئًا لا مفر منه أن الناس يمكنهم الخلاص بموت المسيح أكثر من أن يهلكوا بخطية آدم. قد يبدو ممكنا أنه بعدما أخطأ آدم، كان لربما يقول الرب، [على الرغم من عهد الأعمال هذا (بين وبينكم والذي كسرتموه)، لن ألقى بهذا الحمل (الدينونة) على كاهل إبناء آدم]؛ لكنه ليس ممكنا بعدما أصبح إبن الله اﻷبدى إنسانا، وأحنى رأسه للموت، أن يقول الرب، [بعد كل هذا لن أخلص البشر ﻷجل خاطر المسيح.]

قف وأنظر للمسيح على الصليب، وعَدد جراحاته، وستعلم عن يقين أن الخطية يمكن أن يُعفى عنها، كلا، يجب أن يُعفى عنها ﻷولئك الذين فى المسيح يسوع. قطرات الدماء المتدفقة هذه تطالب بصوت لا يمكن إنكاره بأن الظلم يجب أن يُنحَى جانبًا. لو كان صوت هابيل الصارخ من اﻷرض لازال سائدًا، “فَكَمْ بِالْحَرِيِّ يَكُونُ دَمُ الْمَسِيحِ، الَّذِي بِرُوحٍ أَزَلِيٍّ قَدَّمَ نَفْسَهُ للهِ بِلاَ عَيْبٍ؟ | عب9: 14″

لا يمكن أن يكون هذا، آه يا الهى، أن تتجاهل أو تنسى تلك الذبيحة التي فى الجلجثة.

يجب أن تتدفق النعمة إلى الخطاة عبر هذا المخلص ذو الجراح الدامية، عالمين أن الموت قد جاء إلينا بتعدى سلفنا.

لست أعلم إذا كان ينبغى أن أتطرق لعمق هذا المنطق كما أتمنى، ولكن بالنسبة لى إنه عذب جدًا أن أنظر إلى الإختلاف كما الى اﻷسباب لكل من التأثيرين. أنظر اﻵن لما نحن فيه من خراب، “بِخَطِيَّةِ وَاحِدٍ”.  بتعدى الرجل الواحد أصبحنا أنت وأنا وجميعنا مبيعين تحت الخطية والأسى والموت. ما قد أخُبرنا به هو نبع تيارات من الويلات الناتجة من الفعل الواحد لأبائنا اﻷولين.

كم هو بعيد عنى أن أقول كلمة تقلل من عظم خطيتهم أوتتسائل عن عدالة العواقب. أعتقد أنه لا أحد يمكن أن يكون له رأى أكثر تحديدًا فى هذا الشأن مما هو لى. إن التعدى كان عظيمًا جدًا والمبدأ الذى قادنا للمشاركة فى نتائجه هو واحد فقط، وهو نفسه كمبدأ مشحونًا بأكثر البركات -بعد التبعات- للبشرية الساقطة حيث أبقى لهم بابًا من اﻷمل لقيامهم بنفس الطريقة التى أدت لسقوطهم.

والآن فالخطية التى دمرتنا هى تعدي من الكائن المحدود الوجود (الإنسان) ولا يمكن أن تقارن فى قوتها بنعمة الله الغير محدود؛ كانت خطية لحظة ولذلك لا يمكن مقارنتها فى القوة والطاقة بالقصد اﻷبدى للحب اﻷلهى. إذن لو كان ينبوع خطية آدم الضعيف نسبيا قد أرسل فيضاناً أغرق العالم فى اﻷسى والموت فماذا يجب أن يكون سكيب البركات الغير محدودة من المصدر اللانهائى للنعمة اﻷلهية؟ نعمة الرب هى تمامًا كطبيعته، قاهرة وغير محدودة. ليس عند الرب مقياس للحب، إنه هو الحب؛ حب الى المنتهى حالٌ فيه، الرب ليس رؤوفا إلى هذه الدرجة أو تلك، ولكنه رؤوف بما ﻻ يقاس؛ قرأنا عن “اَللهُ الَّذِي هُوَ غَنِيٌّ فِي الرَّحْمَةِ | أف2: 4″ وايضاً أنه “َإِلهُ كُلِّ نِعْمَةٍ | 1بط5: 10″، وأن [رحمته عظيمة فوق السماوات][2].

أكبر مفاهيمنا تسقط بعيدًا قاصرة عن رحمة وعطف الرب، وعن “عَظَمَةُ قُدْرَتِهِ الْفَائِقَةُ نَحْوَنَا نَحْنُ الْمُؤْمِنِينَ، حَسَبَ عَمَلِ شِدَّةِ قُوَّتِهِ | أف1: 19″. “لأَنَّهُ كَمَا عَلَتِ السَّمَاوَاتُ عَنِ الأَرْضِ، هكَذَا عَلَتْ طُرُقِي عَنْ طُرُقِكُمْ وَأَفْكَارِي عَنْ أَفْكَارِكُمْ. | أش55: 9″ من جهة النعمة.

إذن يا أخوتى لو كان الينبوع الضيق الذى أثمر هذه المياة المرة والسامة كان كافيًا ليذبح ربوات من الجنس البشرى كافة، فكم بالحرى أكثر كثيرًا سيكون نهر الرب الملآن مياه الذى هو أيضا نهر مياه الحياة، الذي يخرج من عرش الرب ومن عند الخروف يعطى حياة ونعيم لكل إنسان يؤمن بالمسيح يسوع؟ لهذا يقول بولس الرسول، “حَتَّى كَمَا مَلَكَتِ الْخَطِيَّةُ فِي الْمَوْتِ، هكَذَا تَمْلِكُ النِّعْمَةُ بِالْبِرِّ، لِلْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ، بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ رَبِّنَا. | رو5: 21″

هذا هو موضوع المنطق فى هذا النص، وبالنسبة لى يبدو منطقا قويًا جدًا كافيًا لإخراج حياة عدم الإيمان. ويمكٌن لكل إنسان تائب أن يقول، [أرى ما قد خسرته فى آدم ولكننى أرى أيضًا مقدار ما حصلت عليه فى المسيح يسوع، ربى، عندما أسلمت نفسى اليه بإتضاع.]

علاوة على ذلك، أريدك أيضًا أن تلاحظ الإختلاف فى القناتين اللتين يتعامل من خلالهما الشر والخير إلينا بأستمرار. فى كلتا الحالتين كان الأمر “بواحد”، ولكن ياللفارق بين الشخصين! سقطنا من خلال آدم، وهو إسم لا يمكن إستعراضه دون تبجيل، إنه رئيس آباء الجنس البشرى، والبنين يجب أن يكرموا اﻷباء: دعونا لا نفكر بالإقلال من رئيس العائلة البشرية. مع ذلك من هو آدم الأول بالمقارنة مع آدم الثاني؟ أنه ترابى من اﻷرض ولكن الثانى هو الرب من السماء. اﻷول كان على أفضل حال مجرد رجل أما فادينا “لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلاً للهِ. | في2: 6″.

مؤكد إذن أنه لو كان آدم بيده السقيمة هذه إستطاع أن يهدم بيت إنسانيتنا ويرشق هذا الفساد فى جبلتنا اﻷولى، فإن هذا الإنسان اﻷعظم الذى هو أيضا إبن الله يمكنه أستعادتنا بالكامل ويعيد جنسنا للعصرالذهبى. لو أستطاع إنسان واحد أن يفسد بخطيته، من المؤكد أنه يوجد رجل آخر أعظم بما لا يقاس والذى “فِيهِ يَحِلُّ كُلُّ مِلْءِ اللاَّهُوتِ جَسَدِيًّا. | كو2: 9″ يستطيع إستعادتنا بإكثار نعمة الرب لنا.

وأنظروا يا أخوتى ما فعله هذا الإنسان. أدم يرتكب خطية واحدة ويفسدنا من ثم؛ ولكن عمل المسيح وإنجازاته ليست واحدة، ولكنهم ككثرة نجوم السماء. أنظروا الى حياة الطاعة التي عاشها: كما لو كان تاجًا مرصعًا بكل أنواع المجوهرات التي لا تقدر بثمن: كل الفضائل فيه وبلا عيب فى أى شىء. إذا كان فعل واحد خاطىء لرئيس العهد اﻷول يدمر هكذا، الا يجب لحياة قداسة كاملة من جانب ممثلنا للعهد الثاني أن تُقبل ﻷجلنا؟ ولكن ما الأعظم من ما، آدم فعل وأكل من الشجرة المحرمة، ولكن ربنا يسوع مات، “سَكَبَ لِلْمَوْتِ نَفْسَهُ… وَهُوَ حَمَلَ خَطِيَّةَ كَثِيرِينَ وَشَفَعَ فِي الْمُذْنِبِينَ | أش53: 12″. مثل هذه الميته يجب أن يكون لها من القوة ما هو أكثر من فِعل آدم المؤسف. ألا يجب أن تخلصنا هذه؟

هل توجد مقارنة بين فعل عصيان واحد فى حديقة عدن والفعل الذى لا مثيل له من الطاعة المفرطة على صليب الجلجثة والذى توج حياة خادمة؟ الا أثق أنا أن فعل العصيان هذا قد تسبب فى دمارى؟ إذن أنا أثق أكثر بأن الفعل المجيد للتضحية بالنفس قادرًا على خلاصي، والقى بنفسى عليه دون سؤال أو ظن.

إن آلام إبن الله الوحيد يجب أن يميزها الفضيلة المعصومة لكي تؤدي لغفران الخطية. على هذا العمل الكامل للمسيح يسوع تتعلق روحى فى هذه اللحظة، دون شك بإمكانية للفشل ودون إضافة ظل ثقة فى أى مكان أخر.

إن الصلاح الذى يمكن إعتباره فى الإنسان، إن أفضل كلماته وأقدس أفعاله كلها بالنسبة لى كالغبار فى الميزان أمام أى لقب أو عنوان لصنيع الرب. مطلبي الوحيد للخلاص موجود فى هذا الإنسان الواحد، عطية الرب الذى بحياته وبموته أوجد كفارة لخطيتى، ولكن هذا الإنسان الواحد يسوع المسيح هو اﻷساس والوتد الذى نعلق عليه ثقل كل أمورنا اﻷبدية.

أشعر بمزيد من الثقة فى يقينى بأن الخلاص هو بالمسيح يسوع، وذلك بسبب قناعتى الراسخة بالفاعلية المروعة لسقطة آدم. فكر قليلًا وستجد أنه يبدو شيئا غريبا، غريب بالفعل أن اﻷمل فى عودة الجنة مرة أخرى هو محل جدل ويبرر ذلك حقيقة أن الجنة لم تعد موجودة، إن الحقيقة المؤكدة بأن رجلا واحدا أفسدنا تعطينا ضمانًا أوفر بأن رجل مجيد واحد بعمله قد أنقذ بشكل فعال كل هؤلاء الذين آمنوا بفاعلية عمله.

اﻵن أذا كنت قد أغتنمت فكرتى وفكرت فى الحق الذي في هذا النص، لربما تستمد منه صفقة عظيمة من الراحة، ولربما يقترح عليك بعض اﻷشياء المؤلمة التى ستعود عليك من الآن فصاعدا بمسرة. الطفل يولد فى هذا العالم وسط قلق كبير بسبب آلام أمه، ولكن بينما يصير هؤلاء إثباتاً لكيف أن تبعات السقوط لاتزال معنا تبعا لقول الرب لحواء، “بِالْوَجَعِ تَلِدِينَ أَوْلاَدًا | تك3: 16″، فإنهم يؤكدون أيضا لنا أن آدم الثانى يجلب لنا بوفرة نعيم من خلال الميلاد الثانى الذى به “وَلَدَنَا ثَانِيَةً لِرَجَاءٍ حَيٍّ | 1بط1: 3″

أذهب للحقل الصالح للزراعة وضع علامة على اﻷشواك وأبكى إصابتك بشوكة: هذا يثبت اللعنة، ولكنه أيضا يعظ اﻷنجيل. الم يقل الرب الإله “مَلْعُونَةٌ الأَرْضُ بِسَبَبِكَ. بِالتَّعَبِ تَأْكُلُ مِنْهَا كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكَ | تك3: 17″. إنه بخطية أخرين، بما أننا لم نكن حاضرين عندما تعدى الإنسان اﻷول، أصبحت الحقول تعطينا محاصيلها على مضض.

حسنًا، نظرًا لما رأيناه من شوك وحسك أنبتته اﻷرض بسبب آدم واحد، لربما نتوقع أن نرى بركات على اﻷرض بسبب آدم ثانى أعظم. ولذلك بثقة غير محدودة أصدق الوعد “لأَنَّكُمْ بِفَرَحٍ تَخْرُجُونَ وَبِسَلاَمٍ تُحْضَرُونَ. الْجِبَالُ وَالآكَامُ تُشِيدُ أَمَامَكُمْ تَرَنُّمًا، وَكُلُّ شَجَرِ الْحَقْلِ تُصَفِّقُ بِالأَيَادِي.عِوَضًا عَنِ الشَّوْكِ يَنْبُتُ سَرْوٌ، وَعِوَضًا عَنِ الْقَرِيسِ يَطْلَعُ آسٌ. وَيَكُونُ لِلرَّبِّ اسْمًا، عَلاَمَةً أَبَدِيَّةً لاَ تَنْقَطِعُ. | أش55: 12-13″

هل تمسح عرق جبينك إذ تكدح من أجل رزقك؟ الم يقل الرب، “بِعَرَقِ وَجْهِكَ تَأْكُلُ خُبْزًا حَتَّى تَعُودَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أُخِذْتَ مِنْهَا | تك3: 19″. ألا يجب أن يكون عملك محل جدل بحيث يثبت إيمانك أنه فى المسيح يسوع توجد بعد راحة لشعب الله.

لابد أن تشعر فى الكدح حتى التعب أن سقطة آدم لا زالت تعمل ضدك؛ لقد حولك إلى حارثٍ للأرض، أو راعٍ للغنم، أو عامل فى المعادن. ولكن فى كل اﻷحوال جعل منك حامل لنير؛ لتقل أنت إذن إلى الرب يسوع، [مبارك آدم الثانى، إذ أرى وأشعر ما قد فعله الإنسان اﻷول، أنا أصدق بشدة ما أنجزته. ولذلك سأرتاح فيك بكل قلبى].

عندما ترى جنازة عابرة ببطء فى الطريق، أوعندما تدخل فناء الكنيسة وتلاحظ أكمة وراء أكمة فوق قبور الراحلين المندفنة، يتبين بوضوح أمام عينيك نتيجة السقوط. أنت تسأل من أوصل كل هؤلاء لهذه الحال؟ وبواسطة أي باب دخل المدمر الساقط الى العالم؟ ألم يرفع آدم اﻷول من خلال عصيانه المزلاج للموت؟ أنه بالتأكيد كذلك. ولذلك أثق بأوفر تأكيد بأن أدم الثانى يستطيع أن يعطى الحياة لتلك العظام اليابسة، يمكنه أن يوقظ كل هولاء النائمين ويقيمهم فى جدة الحياة. لو أن إنسان ضعيف هكذا كآدم بخطية واحدة جلب الموت، ليكوم جثث الناس هكذا أكوام فوق أكوام ويجعل اﻷرض عفنة من الفساد، فأنه أكثر كثيرا يجب أن إبن الله المجيد فى مجيئه ينادى عليهم ثانية للحياة والخلود، ويجددهم على صورة الله.

كم هى مباركة هذه الكلمات “وَلكِنِ الآنَ قَدْ قَامَ الْمَسِيحُ مِنَ الأَمْوَاتِ وَصَارَ بَاكُورَةَ الرَّاقِدِينَ.فَإِنَّهُ إِذِ الْمَوْتُ بِإنسان، بِإنسان أَيْضًا قِيَامَةُ الأَمْوَاتِ.لأَنَّهُ كَمَا فِي آدَمَ يَمُوتُ الْجَمِيعُ، هكَذَا فِي الْمَسِيحِ سَيُحْيَا الْجَمِيعُ. 1كو15: 20-23″ وأيضا “الإنسان الأَوَّلُ مِنَ الأَرْضِ تُرَابِيٌّ. الإنسان الثَّانِي الرَّبُّ مِنَ السَّمَاءِ.كَمَا هُوَ التُّرَابِيُّ هكَذَا التُّرَابِيُّونَ أَيْضًا، وَكَمَا هُوَ السَّمَاوِيُّ هكَذَا السَّمَاوِيُّونَ أَيْضًا.وَكَمَا لَبِسْنَا صُورَةَ التُّرَابِيِّ، سَنَلْبَسُ أَيْضًا صُورَةَ السَّمَاوِيِّ. |1كو15: 47-49″.

أليس هذا مثل قتل أسد وإيجاد شهد عسل فى أحشائه؟ “مِنَ الآكِلِ خَرَجَ أُكْلٌ، وَمِنَ الْجَافِي خَرَجَتْ حَلاَوَةٌ | قض14: 14″. هو كذلك عندما نخرج من حقيقة السقوط بتأكيد قوى ﻷستعادتنا بالمسيح يسوع.

الوقت يداهمنى؛ وإلا كنت قد وقفت مطولا نوعا ما على آخر عنوان والتى يمكن الآن فقط ملاحظته.

د. أنه يبدو يقينا أنه من سقطة آدم تدفقت كل تلك النتائج العظيمة، ونتائج أعظم يجب أن تتدفق من نعمة الرب، والعطية بالنعمة التى بالإنسان الواحد يسوع المسيح.

أخوتى، لنفترض أن آدم لم يخطىء البتة، وبالتالي كنا فى هذه اللحظة الآن كائنات غير ساقطة، كانت لتظل مكانتنا فى خطر، إذ نخشى أنه فى أى لحظة لربما يتعدى ويطرحنا كلنا أرضاً. آلاف السنين من الطاعة لم تكن لتنهى اﻷمتحان إذ لم يكن يوجد شرط كهذا فى العهد اﻷصلى. كنا أنا وأنت لنمسك بسعادتنا بحيازة متزعزة غير واثقة، لم نكن أبدًا لنُمَجد فى أمان مطلق وحياة أبدية كما هو الحال الآن فى المسيح يسوع. نحن الآن فقدنا كل شىء فى أدم، ولهذا فإن حيازتنا الغير أكيدة أيضا قد أنتهت، عقد إيجارنا لعدن وأفراحها قد أنتهت صلاحيتهما معا؛ ولكننا إذ آمنا، حصلنا على وراثة نمسك فيها بسند ملكية لا يقبل الجدل ولا يفشل أبدا. لا يملك أبليس نفسه أن ينازع هذا السند؛ فإن “لَنَا إِلهٌ وَاحِدٌ: الآبُ الَّذِي مِنْهُ جَمِيعُ الأَشْيَاءِ، وَنَحْنُ لَهُ. وَرَبٌّ وَاحِدٌ: يَسُوعُ الْمَسِيحُ، الَّذِي بِهِ جَمِيعُ الأَشْيَاءِ، وَنَحْنُ بِهِ. | 1كو8: 6″.

الرب يسوع أكمل العمل الذى به قد خلص شعبه، وهذا العمل قد صدق عليه بقيامته من اﻷموات. لا يوجد “لو” الآن فى العهد الجديد. لا توجد فيه “إحتمالية أو شك” من بدايته لنهايته، لا توجد فرص للفشل بسبب شروط غير مستوفاة يمكن أن توجد فيه.

“مَنْ آمَنَ وَاعْتَمَدَ خَلَصَ | مر16: 16″. هل تقول [أنا أؤمن أنه يمكن أن المسيح يخلص لو أن…]؟ إياك أن تجرؤ وتضيف “لو” حيث أن الرب لم يضع أى “لو”. تذكر ما الذى سيحدث لك لو أضفت أى شىء آخر لكتاب شهادة الرب. كلا، قد كتب هكذا، “مَنْ آمَنَ وَاعْتَمَدَ خَلَصَ” و”الَّذِي يُؤْمِنُ بِالإبن لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ | يو3: 36″ ولذا “إِذًا لاَ شَيْءَ مِنَ الدَّيْنُونَةِ الآنَ عَلَى الَّذِينَ هُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ رو8: 1″. هكذا لنا وقوف واثق الآن أكثر مما كان لنا فى آدم اﻷول، ويحق تسبيحنا لهذا الخبر السعيد حين نغنى ..

[أقامنى من أعماق الخطية،

من أبواب جحيم الخطية،

وأصلح قيامتى بأكثر ضماناً

مما كان قبل سقوطي]

الرب لم يرد عنا أذى الخطية فقط، بل أيضا قد أعطانا أكثر مما فقدناه: حتى كما يقول المزمور، “حِينَئِذٍ (يسوع يقول) رَدَدْتُ الَّذِي لَمْ حِينَئِذٍ | مز69: 4″. بالتعدى العظيم ﻵدم فقدنا حياتنا مع الله، وتحقق الوعيد “لأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتًا تَمُوتُ | تك2: 17″؛ ولكننا فى المسيح يسوع عشنا ثانية حياة أرقى وأنبل، لأن الحياة الجديدة هى عمل المباشر للروح، وكونها قائمة بتغذيها على شخص الرب يسوع فهى أرقى من حياة البراءة اﻷولى فى جنة عدن. أنها نوعية أرقى من وجوة كثيرة، والتى لا يمكننا التحدث عنها بالتفصيل اﻵن، ولكن هذا المقدار يمكننا قوله مع الكتاب، “صَارَ آدَمُ، الإِنْسَانُ الأَوَّلُ، نَفْسًا حَيَّةً، وَآدَمُ الأَخِيرُ رُوحًا مُحْيِيًا | 1كو15: 45″.

الرب يسوع أحضرنا أيضا الى علاقة أقرب لله مما كان يمكن أن يكون لنا الحصول عليه بأى طريقة أخرى. نحن كنا كائنات لله بالخلق ولكننا اﻵن أبنائه بالتبنى؛ بشكل ما في توجه محدود كنا ذرية الله، ولكننا اﻷن بالتمجيد الذى فى الإنسان يسوع المسيح، نائبنا جميعنا، قد أحُضرنا الى أقرب علاقة ممكنة مع الله. يسوع جلس على عرش الآب، وبالتالى رقٌى الإنسان الى جوار المعبود: أقرب مثال للأبدية هو الإنسان، يسوع المسيح، إبن العلى. فنحن أعضاء جسده، من لحمه، ومن عظامه ولذلك نشارك فى كرامته وإنتصاراته.

فى المسيح يسوع أُعطى للإنسان الرئاسة على كل أعمال يدي الرب، والمفدى قام جنبا الى جنب مع المسيح وأعطى أن يجلس معه فى السماويات، فوق كل الرياسات والقوات، وكل اﻷشياء اﻷخرى الكائنة؛ لأننا المفضلون فى السماء، محبوبى الملك العظيم. لا توجد كائنات يمكن أن تساوى الإنسان الكامل، فهؤلاء المحبوبون يعلون أفضل منزلة حتى عن الملائكة الذين لم يخطئوا أبدا؛ لأن فيهم يرى غنى مجد نعمة الرب أكثر من اﻷرواح النقية غير الساقطة.

آه يا أحبائى، الم يصنع لنا الرب يسوع المسيح الكثير، وبالرغم من أننا لا نتوقع هذا ولكنه هكذا ينبغى أن يكون، لنعمة الله، والعطية بالنعمة التى بالإنسان يسوع المسيح هى أقوى بقوة غير محدودة من خطية آدم. لابد أن يوجد وهن فى الإنسان، الفرع، أكثر بكثير مما هو فى النبتة الفقيرة ذاتها، التى هي اﻷنسان الذى أخذ من تراب اﻷرض. ياللنعيم الذى فتح أمامنا الآن! لقد فقدنا الفردوس ولكننا حصلنا على ذاك الذى تبدو الجنة اﻷرضية دونه شىء من النوع المتواضع : ربما كنا أكلنا من ثمار عدن الفاتنة ولكننا الآن نأكل الخبز النازل من السماء؛ ربما كنا قد سمعنا صوت الرب ماشيا فى الجنة فى صحوة يوم لطيف، لكن الآن، مثل أخنوخ ربما نسير مع الرب الآن طريق أنبل وأقرب. نحن الآن قادرين على الفرح بما لا يمكن أبدا للأرواح غير الساقطة أن تختبره: نعيم غفران الخطية، جنة الإدراك الواعى العميق برحمة أبدية. الروابط التى تربط المفديين بإلههم هى أقوى ما يمكن أن يوجد. يالها من فرحة أن نحب الرب أكثر من كل مخلوقاته اﻷخرى، وبالتأكيد سنفعل ذلك.

الا تعتقد معى أن الإثبات لا مبرر له، ﻷنى أشعر أن هذه هى الحقيقة. ألم تقرأ فى اﻷناجيل عن المرأة التى غسلت قدمى المخلص بالدموع ومسحتهما بشعر رأسها ودهنتهما بالطيب؟ الم يقل المخلص أنها أحبت كثيرا ﻷنه قد غُفر لها كثيرا. أنا آخذ نفس المبدأ العام فهو يطبق فى كل الظروف، فى اﻷبدية كما اﻷن، ولهذا أثق أن الخطاة المغفور لهم سيحبون الرب ومسيحه كما لم يشعر الشاروبيم والسيرافيم أبدا. جبرائيل لا يستطيع أن يحب الرب كما سيفعل إنسان مغفور له. أولئك الذين غسًلوا ثيابهم وبيضوها فى دم الحمل سيكونون أقرب وأعز لديه وسيكون هو أقرب وأغلى لديهم، عن كل اﻷرواح الخادمة أمام العرش ﻷنه أخذ طبيعتنا نحن وليس طبيعتهم هم.

لك المجد أيها المسيح! كلما أنظر الى أعماق سقطة آدم الفظيعة، أرتجف، ولكن عندما أرفع عيني ثانية الى اﻷمجاد اﻷبدية حيث أقمتنى أنت بآلامك وقيامتك، أشعر فى نفسى بقدرة على الرؤيا لما سبق.

أُعظم نعمة الرب الغير محدودة وأثق بها بلا تردد.

آه لو أن أحصل على قوة ﻷعُظمها بالكلمات المناسبة والخطاب الملائم، ولكنها كلمات ليست في متناولي. إقبل شعور قلبي يارب، عندما تعلن لغة الشفاة فشلها وعجزها. إقبلها يا سيدى فى المحبوب. آمين.